كانوا يرون أنه يصعب جمعها كلها ، وإذا جمعوا ما أمكنهم خشوا أن يكون ذلك سببا لرد من بعد هم ما فاتهم منها . وخشوا - أيضا - من جمعها في الكتب قبل استحكام أمر القرآن أن يقبل الناس على تلك الكتب ويدعوا القرآن . فلذلك رأوا أن يكتفوا بنشرها بطريق الرواية ، ويكلوها إلى حفظ الله تعالى الذي يؤمنون به [1] . أقول : في هذا الكلام مواقع للبحث : الأول : قوله : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعن بكتابتها . فهذا على إطلاقه باطل ، حيث أن أحاديث الإذن ، بل الأمر بالكتابة ، وإملائه صلى الله عليه وآله وسلم الحديث على الصحابة ، مشهورة ، بل متواترة معنى لدلالتها على الإذن بكتابة الحديث ، كما مر مفصلا . ثم إن البحث ليس في مجرد عدم كتابة الحديث ، بل في سبب النهي عنها ومنعها ؟ ! الثاني : قوله : بل اكتفى بحفظهم . . . . إن نسبته هذا الفعل إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، غير جائزة ، حيث لم يرد عنه صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أنه أراد أو أمر بأن تكون السنة - مطلقا - محفوظة في الصدور فقط ،