فإن أصل القرآن إذا أمكن المحافظة عليه بالحفظ والاستذكار ، كانت المحافظة على ترتيبه حاصلة ، لأن من يحفظ نصا معينا فلا بد أنه يحفظه على ترتيبه الخاص والمطلوب ! هذا مع أن الشيخ عبد الغني قد أكد بأن أصل القرآن مدعوم بالتواتر اللفظي ، ولم يعتمد على النقل الكتبي [1] . فالمحافظة على ترتيبه تتم بالحفظ في الذاكرة ولا تستوجب خصوص الكتابة . وكذلك عدم ترتيب الأحاديث لا يستدعي حرمة كتابتها ، بل ، على العكس ، قد يقال بلزوم كتابتها ، لصعوبة ضبطها في الحافظة على أثر تشعثها ؟ ! بخلاف المرتب فإنه يحفظ بسهولة . وكذلك كون القرآن معجزة ، بل هو أكبر معاجز النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأعظمها ، وأبقاها ، وأخلدها ، بشكل أوضح من السنة ! فإن إعجاز القرآن ليس بوجوده الكتبي ، وإنما هو بوجوده اللفظي ، ومدلوله المعنوي ، ونظمه المتناسق مع الأمرين . ومن الغريب أن المدعي يقول بأن القطع بالقرآن إنما حصل بالتواتر اللفظي دون النسخ الموجودة [2] . وكذلك كون القرآن أساسا للشريعة الإسلامية ، وإليه ترجع سائر الأدلة .
[1] حجية السنة ( ص 408 ) . [2] حجية السنة ( ص 407 ) .