2 - أن حصول الإنسان على قوة الحفظ والذكر على الخاطر ، ليس أمرا اختياريا ، إنما هي موهبة إلهية ، أو تحصل للفرد نتيجة لأسباب تكوينية ، أو بمعالجات عرضية خاصة ، ليست موفرة بسهولة ويسر لكل أحد [1] ولم يطلب في الشرع تحصيل تلك الأسباب والمعالجات بالوجوب والفرض . فكيف يكلف المسلم بحفظ الحديث وإثباته في الخاطر ، مع عدم وجوب تحصيل تلك القوة ؟ وكيف يعلق أمر واجب مهم كحفظ الحديث وصيانته ، على أمر غير اختياري ؟ ! فالملاحظ - بالوجدان - أن هذه القوة ليست موجودة عند أفراد الأمة كلهم ، بل المبتلون بعوارض النسيان منهم أكثر من الحفاظ الأذكياء الذين يعدون في النوادر . قال الأستاذ يوسف العش في تصديره القيم لكتاب تقييد العلم : لئن كان هذا الرأي يفخر بالحافظة العربية التي لا تحفل بالتقييد ، لأن لها من قوتها ما يسعفها بالتقاط العلم وعدم نسيانه . . . فهو ييسر سبيل الطعن على علم العرب ، فذاكرة أكثر الناس أضعف من أن تتناول مادة العلم بأجمعه ، فتحفظها من الضياع ، وتقيها من الشرود ، ومهما قويت عند أناس فلا بد أن تهن عند آخرين فتخونهم وتضعف معارفهم [2] .
[1] لاحظ كتاب الحطة للسيد صد يق حسن خان ( ص 47 ) . [2] تقييد العلم ( ص 8 ) من التصدير . ثم هل الحديث الشريف خاص بالعرب !