وهذا الكلام ليس فيه وراء الخطابة أمر علمي ولا استدلال بشئ ، بل هو بعيد عن الموضوعية ، حيث إن البحث إنما هو عن حرمة التدوين ! وأين كل هذا الكلام من ذلك ، فهو إنما ينفق في سوق الرغبات والطبائع وما تحب أو تكره ! وهل هذا يوجب ترك أمر شرعي مهم - كالحديث النبوي الشريف - عرضة للنسيان وغيره من آفات الذاكرة ، وعدم ضبطه وتوثيقه بالكتابة والتدوين ؟ ! هذا ما في هذا التوجيه ، أولا . وثانيا : أن حفظ النصوص الشرعية على ظهر الخاطر ، سواء كان القرآن الكريم أو السنة الشريفة ، ليس مما نص على وجوبه شرعا ، فلا يعلق عليه أمر واجب شرعا ، ومهم مثل صيانة السنة والحديث . فهنا أمران : 1 - وجوب صيانة السنة والحديث ، والمحافظة عليهما ، كفاية . 2 - عدم وجوب حفظ ذلك على الخواطر ، واستظهاره بظهر الغيب . أما الأول : أي وجوب صيانة السنة والحديث ، فلما يلي : 1 - أن السنة والحديث الشريف يتوقف عليهما مهمات هذا الدين ، فأكثر أحكامه الشرعية يؤخذ منهما ، وكثير من أبعادها وشروطها وتفاصيلها يعرف بهما ، ولولا السنة لما بقي من الدين إلا القليل .