وقد استعملوا كلمات الاشتغال ، والانكباب ، والانهماك ، ليزيدوا من تبشيع الأمر ، ويضخموا من تهويله على الآخرين . وإلا ، فليس في مجرد كتابة شئ من الحديث : اشتغال ، أو : انكباب ، أو : انهماك ، عن القرآن ، ولا يؤدي إلى ترك القرآن . ومن هنا ، نجد بشاعة قول ابن مسعود : إن الصحيفة المحتوية على قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، بدعة وفتنة وضلالة ! فلماذا ؟ فهل إن هذه الكلمات الأربع باطلة ؟ وهي من الأذكار التي جاء بها الإسلام ، وليست مفرداتها إلا كلمات وجملا حقة ، ومن القرآن ؟ وليس فيها من الباطل شئ . وهل هي مؤدية إلى ترك القرآن ؟ وثانيا : إن ترك القرآن - وهو فعل محرم واضح البطلان عند المسلمين - من هو المتهم به من بين المسلمين الذين أرادوا جمع الحديث ، وتأليفه ، وتدوينه وتقييده ؟ وهم في ذلك العصر ، بين صحابي جليل ، أو تابعي فاضل ، أو مؤمن طالب للعلم الذي هو حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو كلمة ذكر وثناء وتمجيد لله ، كما كان في صحيفة ابن مسعود ؟ أليس اتهام أهل تلك الطبقة اتهاما لأهل خير القرون ، وهم سلف المسلمين ، وفيهم الصحابة ، وفضلاء التابعين ؟