فنسأل عن خصوص الإبادة بالإحراق بالنار ؟ . هل علماء الإسلام يوافقون على هذا الإقدام ، فيجيزون لأحد أن يحرق كتابا من كتب السنة بالنار ؟ . إن الإجابة على هذا صعبة جدا ، وخاصة أن الكتب الأولى في صدر الإسلام كانت عزيزة ، ولا بد أنها كانت تحتوي على أصول السنن ، وقد فات ما فيها بالإحراق حيث لا تتدارك ! ! كما لوحظ في ما أتلفه أبو بكر من حديثه الذي جمعه ، فقد صرح بأنه جمع خمسمائة حديث ، بينما الموجود من حديثه - كما أحصاه ابن حزم والسيوطي - هو ( 142 ) حديثا فقط ، فالباقي - وهو ( 358 ) حديثا قد أتلفها أبو بكر ، ولا يوجد بين الأمة منها عين ولا أثر ( 1 ) . فلعل في ما أحرقه عمر أيضا كثير من ذلك ؟ . وقد اتبع موافقو عمر أثره في إبادة الحديث ، لكن لا بالإحراق ، بل بمجرد الغسل بالماء ، كما سيأتي في نقل آثار أبي موسى الأشعري وغيره . لكن أساليب الإبادة ، خفت في ما تلا ذلك من العصور : من الإحراق والغسل ، إلى مجرد الدفن . قال إبراهيم بن هاشم : دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ، ما بين قمطر وقوصرة ( 2 ) .
( 1 ) أسماء الصحابة الرواة ( ص 35 ) وتاريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 66 ) وانظر نهاية هذا القسم عن آثار المنع ( ص 482 ) وخاصة ( ص 486 ) . ( 2 ) تقييد العلم ( ص 62 - 63 ) .