يدل هذا على أن الكتب كانت منتشرة بين الناس ، ومعناه عدم تحرجهم منها ، وإلا فلو كان في ذلك حرمة لم يكن أهل ذلك العصر ، وهم صدر الإسلام وأهل خير القرون ؟ وفي تلك الكتب ما كتبه جمع من الصحابة قطعا ، إن لم يكن جميع ما في الكتب منقولا عنهم ! لم يكونوا ليتداولوها بينهم وتكون في أيديهم ! وهذا - في نفسه دليل على أن حكم التدوين - أولا ، وقبل المنع العمري - هو الجواز والإباحة . 2 - قوله : فاستنكرها ، وكرهها . وهذا يدل على أن الأمر يرتبط بمحض إرادة عمر وكراهته ، دون أن يكون في الكتب ما يوجب الكراهة ، والاستنكار الواقعي ، وذلك : 1 - إن عمر إنما كره الكتب واستنكرها ، قبل أن يراها ، كما يدل عليه النص بوضوح . 2 - إن وجود الكتب في أيدي الناس ، واحتفاظهم بها ، دليل واضح على عدم احتوائها على ما ينكر أو يكره ، إن أردنا أن نحسن الظن بالناس كلهم ! وإلا ، لصرح لهم عمر بما فيها ، ولما قال : أحبها إلى الله أعدلها وأقومها ، فإن هذا الكلام يدل على عدم علم عمر بما فيها ، وأنه يحتمل وجود الأعدل والأقوم فيها ، بل العدل والقائم أيضا ! 3 - قوله : فظنوا . . . فأحرقها . يدل على مدى البعد الشاسع بين عمر ، وبين الناس ، حيث كانوا