فهذا الرأي الخاص بصدر الإسلام رأي صحيح ، غير أنه قد ظهر لدى القوم - في ما تلا هذا من زمن - تحرج من الاحتفاظ بالحديث على شكل مدون [1] . وأما أشخاص المانعين : فهم - بعد أبي بكر وعمر - : أبو سعيد الخدري ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري [2] . ويكاد عدد المانعين ينحصر في هؤلاء ، لولا أن المنع نسب إلى آخرين من الصحابة ، بينما هم من المبيحين ، الذين أثرت عنهم الكتب ، مثل : أبي هريرة ، وابن عباس [3] ، كما أن الإباحة نسبت إلى بعض رؤوس المانعين ، كعمر وأبي بكر وعثمان [4] . وفي مقابل هؤلاء نجد أكثر الصحابة يقولون بجواز التدوين وإباحته ، وكثير منهم قد زاول عمل الكتابة والتدوين . وقد فصلنا عن جهودهم في ذلك ، قولا وعملا ، في الفصل الرابع من القسم الأول . فنجد أن المنع - بالرغم من تبني السلطة له ، ودعمها إياه بكل
[1] تاريخ التراث العربي لسزكين ( 1 / 1 / 226 ) . [2] مقدمة ابن الصلاح ( ص 296 ) علوم الحديث لابن الصلاح ، تحقيق عتر ( ص 181 ) . [3] أنظر محاسن الاصطلاح ( ص 297 ) . [4] لاحظ تقييد العلم للخطيب فإنا نجد فيه نسبة إباحة التدوين إلى من ذكره من المانعين ، وكذلك العكس ، وهذا في نفسه تناقض لا بد في رفعه من توجيه ؟ ! ولاحظ ما ذكرناه ( ص 8 - 209 ) .