وقد اعترف عتر بأن الصحابة - أيضا - اتخذوا كتبهم مذكرات ! أليس هذا تداولا للكتاب ، باستعماله في الغرض المنشود منه ! ؟ وثالثا : إن كان مراده بالتداول هو الاستشهاد بالكتاب والرجوع إليه ، فقوله : لم نجد في شئ من الروايات أن أحدا فعل ذلك ، غير صحيح ، لأن من الروايات ما تحتوي على رجوع الصحابة إلى كتبهم : ففي حديث رافع بن خديج أنه قال لمروان ، إن شئت أقرأ تكه ، أليس هذا استشهادا بالكتاب الذي عنده ! ؟ وكذلك قراءة عائشة في كتابها . واعتزاز عبد الله بن عمرو بصحيفته . ورابعا : إن كان المراد من التداول هو الاستنساخ والقراءة والحفظ والرواية - وهو أظهر معاني التداول - فهذا - أيضا - متحقق في ما كتبه الصحابة ، فقد سمعت ذلك في إلقاء أنس بمخاله ، أو مجاله ، إلى الرواة ، ورأينا أن قتادة السدوسي كان يحفظ صحيفة جابر . وأدل دليل على ذلك تناقل الرواة أحاديث تلك الصحف ، التي ألفها الصحابة ، كصحيفة سعد التي رواها ابنه ، وصحيفة سمرة التي رواها ابنه ، وصحيفة عبد الله التي رواها ابنه . وإن وجود بعض تلك الصحف - في عصرنا الحاضر - بأعيانها ليس إلا نتيجة لذلك التداول ، كما لا يخفى . وقد ثبت من خلال استعراضنا هذا أن السيرة العملية للصحابة كانت هي التدوين ، بالرغم من الضغوط التي تعرضوا لها على أثر