ومن الواضح أن دلالة الفعل على الجواز مقدمة على دلالة الترك على الحرمة ، لأن الترك أعم ومحتمل للتعليل ، كما ذكرنا . يقول محمد عجاج : تلك أخبار متعاضدة ، تثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم أباحوا الكتابة ، وكتبوا الحديث لأنفسهم ، وكتب طلابهم بين أيديهم ، وأصبحوا يتواصون بكتابة الحديث وحفظه [1] . وهنا يعرف ما في كلام الشيخ عتر من التهافت ، حيث يقول : لم يكن الصحابة - رضوان الله عليهم - يتداولون تلك الصحف من الحديث ، ولم نجد في شئ من الروايات أن أحدا فعل ذلك ، وإنما كانت تلك الصحف بين أيديهم بمثابة المذكرات [2] . وأوجه التهافت فيه : أولا : أن البحث إنما هو في أصل جواز الكتابة والتدوين وعدم حرمتهما ، وعمل الصحابة ذلك يدل بوضوح على الجواز ونفي الحرمة ، وكذلك أقوالهم تدل على ذلك ، وهذا كاف في المدعى ! وأما تداول ما كتبوه وعدمه فهذا أمر آخر لا يخص تلك الدعوى . وثانيا : أن غرضه من التداول غير واضح : فإن الكتب إنما تؤلف لتكون مذكرات يرجع إليها المؤلف أو غيره عند الحاجة ، وهذا هو الغرض الأصلي من تأليف الكتب والمصنفات ،
[1] السنة قبل التدوين ( ص 321 ) . [2] منهج النقد في علوم الحديث ( ص 45 ) .