عمر بن عبد العزيز ، حتى نسمع للمرة الأولى - كما هو الشائع - بشئ اسمه تدوين الحديث أو محاولة لتدوينه [1] . وهذا هو الذي يوجبه حسن الظن بكل مسلمي القرن الثاني والثالث وما بعدهما إلى اليوم . وعلى كل حال ، فنبدأ بإثبات سيرة الصحابة والتابعين على التدوين ، بما يلي : العهد الأول : عهد الصحابة : لم يتخذ إجراء المنع عن التدوين ، بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد فترة طويلة ، حتى أن أبا بكر أقدم - في تلك الفترة المتصلة بوفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - على تدوين الحديث . ولما بدا له أن يمنع التدوين - فبدأ بإبادة تلك الأحاديث التي جمعها ، وكانت تبلغ الخمسمائة حديث - لم يقدم تبريرا لعمله ذلك إلا خشيته أن يكون قد كتب ما حدثه رجل قد وثق به ولم يكن كما حدثه [2] ! ومع أن هذا التبرير ، لا يوجب منع غيره - ممن حفظ الحديث وأجاد حفظه - من التدوين : فإنا لم نجد من وافق أبا بكر في إقدامه ذلك ، في فترة حكمه ، فلم ينقل حديث المنع عن غيره من الصحابة في تلك الفترة . ونرى في عدم استناد أبي بكر في منعه التدوين إلى حرمة ذلك في
[1] علوم الحديث لصبحي الصالح ( ص 33 ) . [2] تذكرة الحفاظ ، للذهبي ( 1 / 5 ) .