إجراءات المنع من قبل الحكام ، وأن الصحابة التزموا بالتدوين ، بلا انقطاع ولا هوادة ، وكانت سيرتهم تلك مأخوذة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومتصلة بعهده الأنور ، كما يقتضيه حسن الظن بهم رضوان الله عليهم . العهد الثاني : عهد التابعين : وأما التابعون ، فقد التزموا بإباحة التدوين ، وزاولوه كأمر ضروري . والواقع الملموس في هذا العهد أن التبريرات الشائعة للمنع ، كخوف اختلاط القرآن بغيره ، أو خوف الاشتغال بغير القرآن ، أو عدم معرفة الناس الكتابة ، وغيرها مما سيأتي في القسم الثاني من هذه الدراسة ، أصبحت كلها باهتة ، مفضوحة ، غير قابلة للذكر ، بله الإقناع . وقد كان علماء التابعين يصرون على الكتابة للحديث ، وبإلحاح عجيب ، وفي أقسى الظروف وأحرجها . قال البلقيني : من أباح ذلك من التابعين - فكثير ، مثل : الحسن [ البصري ] وعطاء ، وأبي قلابة ، وأبي المليح [1] . وقال القاضي عياض : روي إجازة ذلك وفعله عن . . . عطاء ، وقتادة ، وعمر بن عبد العزيز ، وسعيد بن جبير ، وأمثالهم . . . ومن بعد هؤلاء ممن لا يعد كثرة [2] .