أيضاً ، والدليل على ذلك أن كل مركب فإنه مفتقر إلى أجزائه لتأخره وتعليله بها ، وكل جزء من المركب فإنه مغاير له ، وكل مفتقر إلى الغير ممكن ، فلو كان الواجب تعالى مركباً لكان ممكناً ، هذا خلف ، فوجوب الوجود يقتضي نفي التركيب . واعلم أن التركيب قد يكون عقلياً وهو التركيب من الجنس والفصل ، وقد يكون خارجياً كتركيب الجسم من المادة والصورة وتركيب المقادير وغيرها ، والجميع منتفٍ عن الواجب تعالى ، لاشتراك المركبات في افتقارها إلى الأجزاء ، فلا جنس له ولا فصل له ولا غيرهما من الأجزاء الحسية العقلية . المسألة الثالثة عشرة : في أنه تعالى ليس بحال في غيره . قال : والحلول . أقول : هذا عطف على الزائد فإن وجوب الوجود يقتضي كونه تعالى ليس حالاً في غيره ، وهذا حكم متفق عليه بين أكثر العقلاء ، وخالف فيه بعض النصارى القائلين بأنه تعالى حال في المسيح ، وبعض الصوفية القائلين بأنه تعالى حال في بدن العارفين ، وهذا المذهب لا شك في سخافته لأن المعقول من الحلول قيام موجود بموجود آخر على سبيل التبعية بشرط امتناع قيامه بذاته ، وهذا المعنى منتف في حقه تعالى لاستلزامه الحاجة المستلزمة للإمكان . المسألة الرابعة عشرة : في نفي الاتحاد عنه تعالى . قال : والاتحاد . أقول : هذا عطف على الزائد فإن وجوب الوجود ينافي الاتحاد ، لأنا قد بينا أن وجوب الوجود يستلزم الوحدة ، فلو اتحد بغيره لكان ذلك الغير ممكناً فيكون الحكم الصادق على الممكن صادقاً على المتحد به ، فيكون الواجب ممكناً . وأيضاً لو اتحد بغيره لكان بعد الاتحاد إما أن يكونا موجودين كما