* وقال في الفجر الصادق ص 31 تحت عنوان : الوهابية ونبذها للعقل : ( لما كان صريح العقل وصحيح النظر مصادما كل المصادمة لما اعتقدته الوهابية ، اضطروا إلى نبذهم العقل جانبا وأخذهم بظواهر النقل فقط وإن نتج منه المحال ونجم عنه الغي والضلال ، فاعتقدوا متمسكين بظواهر الآيات أن الله تعالى ثبت على عرشه وعلاه علواً حقيقياً ، وأن له تعالى وجهاً ويدين ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ويصعد نزولاً وصعوداً حقيقيين ، وأنه يشار إليه في السماء إشارة حسية بالإصبع ، إلى غير ذلك مما يؤول إلى التجسيم البحت ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً . فالوهابية التي تسمي زائري القبور عباد الأوثان ، إنما هي قد عبدت الوثن حيث أنها جعلت معبودها جسماً كالحيوان جالساً على عرشه ، ينزل ويصعد نزولاً وصعوداً حقيقيين ، وله وجه ويد ورجل وأصابع حقيقية ، مما يتنزه عنه المعبود الحق . وإذا رد عليهم بالبراهين العقلية وأثبت لهم أن ذلك مناف للألوهية عند العقل ، قالوا في الجواب : لا مجال للعقل الحقير البشري في مثل هذه الأمور التي طورها فوق طور العقل ، فأشبهوا في ذلك النصارى في دعوى التثليث ، فإنك إذا سألتهم قائلاً كيف يكون الثلاثة واحداً والواحد ثلاثة ؟ قالوا : إن معرفة هذا فوق طور العقل ، ولا يجوز إعمال الفكر في ذلك ! لا ريب أنه إذا تعارض العقل والنقل أول النقل ، إذ لا يمكن حينئذ الحكم بثبوت مقتضى كل منهما لما يلزم عنه من اجتماع النقيضين ، ولا بانتفاء ذلك لاستلزامه ارتفاع النقيضين ، لكن بقي أن يقدم النقل على العقل أو العقل على النقل ، والأول باطل لأنه إبطال للأصل بالفرع .