ملك بلادها ، وكما قال : وآتيناه من كل شئ سبباً ، لم يؤت إلا ما في يده من الملك ، ولم يدع في القرآن كل شئ وكل شئ إلا سرد علينا ) . انتهى . ولكن تفسير مقاتل الذي أعجب الراوي لا ينفع الوهابيين لأنه تأويل والتأويل عندهم حرام ، والواجب في مذهبهم حمل ( كل شئ ) على ظاهرها وعمومها لكل الموجودات حتى الله تعالى والعياذ بالله ! ! فإن أخذوا بتفسير مقاتل فقد تنازلوا عن أساس مذهبهم كما فعل جدهم مقاتل عندما أحرجه السائل ! ومن جهة أخرى فإن تفسير مقاتل غير صحيح أيضاً ، لأن كلمة ( كل شئ ) المستعملة في القرآن الكريم في المخلوقات قد تكون للعموم الاستغراقي الكامل وقد تكون للعموم النسبي ، ويعرف ذلك بالقرائن العقلية من مناسبات الحكم والموضوع . . فمثلاً قوله تعالى في سورة الأحقاف آية 24 - 25 : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) . تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ) . لا يمكن تفسيرها بالعموم الاستغراقي لأن هياكل مساكنهم لم تدمرها الريح بنص الآية . أما قوله تعالى في سورة البقرة الآية 106 : ( ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ) ونحوه في آيات عديدة أخرى ، فلا يمكن أن نقول فيه بالعموم النسبي ونستثني منه شيئاً لا يعلمه الله تعالى . لكن في نفس الوقت يمكن القول بالعموم النسبي فيه من جهة أخرى وأن المقصود بكل شئ هنا الشئ القابل لأن يوجد ويقدر عليه . . إلخ . أما في موضوعنا وهو قوله تعالى في آخر سورة القصص ( كل شئ هالك إلا وجهه ) فلا يصح فيه العموم النسبي الذي أراده مقاتل ، لأن الهلاك في