ومن يسلم زمامه إلى شركاء متشاكسين ، كيف لا يتحير ؟ ! ولو أنهم قالوا إن الصحابة اختلفوا وكفَّر بعضهم بعضاً وقتل بعضهم بعضاً ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله أن بعضهم من أهل النار ، ولا يراهم ولا يرونه بعد فراقه إياهم ، لأنهم سينقلبون من بعده ! فعلى المسلم أن يجتهد فيهم ويتولى من يعتقد صلاحه ويثق بروايته ، ويكل أمر الباقين إلى الله تعالى . لو قالوا ذلك لفتحوا الباب للمسلمين لحل التناقض ! لكنهم فرضوا الصحابة الذين يحبونهم بتناقضاتهم على الإسلام فرضاً ، وحرموا على المسلمين السؤال عنها تحريماً ! وغرضنا هنا أن نبين أمرين : الأول : أن الخلاف في آيات الصفات ورواياته ، إنما هو ظاهر المسألة ، أما باطنها وواقعها فهو الخلاف في أخذ الدين من هذا الصحابي أو ذاك ! والثاني : أن المجسمة والمشبهة استغلوا السكوت في مذهب التفويض فزعموا أن سببه ليس عدم علم أولئك العلماء بمعنى آيات الصفات بل سببه عدم رغبتهم في إعلان تفسيرها الحسي ! ! وهو من أسوأ أنواع التحريف لأنه تفسير للسكوت بالكلام وتفسير للتفويض بعدم التفويض ، كما سترى ! ! المذهب الثالث : مذهب التجسيم وهو مذهب الذين حرَّموا تأويل الصفات ، وحرَّموا تفويض معناها إلى الله تعالى ، وأوجبوا حملها على ظاهر اللغة ، أي المعنى الحسي المادي .