وقد يبدو الفرق بينهم وبين المفوضين قليلاً ، ولكنه كبير ، لأن التفويض رأيٌ بالامتناع عن تفسير الصفات ، والحمل على الظاهر تصويت بأن المراد منها معناها الحسي ! فكلمة ( يد الله ) عند المفوضين لا تعني القدرة كما يقول المتأولون ، ولا تعني الجارحة كما يقول الحسيون ، لأن معنى كونهم مفوضة أنهم متوقفون في معناها وممتنعون كلياً عن تفسيرها . بل إن التفويض قد يجتمع مع نفي الظاهر الحسي منها واعتباره غير مراد ، وأن المعنى المراد منها مفوض إلى الله تعالى ، كما تقدم من قول النووي . أما الحسيون فيقولون يجب حمل الكلمة على اليد الحقيقية لا المجازية ! وقد وصلت بهم الجرأة إلى أن أنكروا وجود المجاز في القرآن والحديث ، أي في اللغة العربية ، لأن القرآن والحديث إنما جاءا بهذه اللغة واستعملا ألفاظهما حسب قواعدها . وإذا قلت لهم : تقصدون أن الله تعالى له جوارح ، يد ورجل وعين ، إلى آخره ؟ يقولون : نعم له يد ، ولكن لا نقول كيد الإنسان ! غير أنهم يقولون ذلك في نقاشهم معك فقط ! لأنهم يعتقدون أن الله تعالى على صورة الإنسان ، فتكون جوارحه كجوارحه ، كما عرفت وستعرف من كلماتهم . متى ظهرت مقولات التجسيم ادعى بعض خصوم الشيعة أن هشاماً بن الحكم أول من قال بالتجسيم ، وهشام متكلم شيعي من تلاميذ الإمام جعفر الصادق عليه السلام توفي نحو سنة 200 هجرية ، كما سيأتي .