فهو كمن يرفض أن يربط حدثاً سياسياً في بلده ، بتحريك دولة كبرى في الجانب الآخر من العالم . أو من يقول إن الحمام الزاجل فقد معرفة اتجاهه بسبب مرضه ، ولا ينسب ذلك إلى خلل في المجال المغناطيسي في المنطقة التي تحيط به . إن مشكلة التبسيط والتعمق الذهني تواجهنا دائماً ، ليس في قضايا الدين فحسب ، بل في قضايا العلوم الطبيعية وأبحاثها المعمقة . إن هذا الشاب يرى الشخص قد أطلق رصاصة على إنسان حي فمات ، ولا يرى بقية الأحداث والأسباب المحيطة . وبدل أن يقول إني أرى ما هو أمامي ، وأجهل بقية الأمور ، يسارع إلى نفي وجود ما لا يراه ! أما التعمق في الأمر فيقول : إن تسلسل الأسباب كله واقع تحت السيطرة فصاحب المسدس ونواياه وأفعاله ، والمقتول ونواياه وأفعاله ، هما تحت سيطرة العلم الإلهي المطلق ، والقدرة الإلهية المطلقة ، ليس عند وقوع الفعل فحسب ، بل من الأزل والى الأبد . وما دام الله تعالى يعلم فمن السهل أن يرسل ملك الموت ليقبض الروح ! وهل ذلك صعب على الله الذي أمر مياه النيل أن تحمل تابوت الطفل موسى ( عليه السلام ) وتأخذه إلى ساحل قصر فرعون ، وأعقم فرعون وأمره وزوجته أن يجلسا في ذلك الوقت في حديقة قصرهما ، ليريا التابوت يطفو على وجه الماء ، ويُحضراه فيريا فيه طفلاً محبوباً ، ويتبنياه ! إنه مهما افترضنا قوة أنظمة الأسباب الظاهرة لنا ، فهو لا يمنع من وجود أنظمة أسباب أعلى منها ، تأخذها بعين الاعتبار وتعمل .