ومعنى علم صدق نيته : أنه قرر بدرجة عالية تصلح لتحريك البدن للعمل لو توفرت الشروط . فكتبه الله له فعلاً مع أنه نية . ومعنى حُسْنُ النية بالطاعة : القرار الجازم العميق بطاعة الله تعالى في كل أموره . وقال ( عليه السلام ) : ( إن الله عز وجل يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة ) ( الكافي : 5 / 20 ) . ومعناه : أن الحساب والثواب والعقاب إنما هو على الفعل الحقيقي للإنسان وهو مخزون النوايا والقرارات في النفس ، التي وصلت إلى مرحلة الصلاحية لأن تكون فعلاً إرادياً كامل الشروط ، حتى لو لم تتوفر له ظروف تحقيقه بدنياً . وقال ( عليه السلام ) : ( إنما خُلِّدَ أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خُلِّدُوا فيها أن يعصوا الله أبداً ! وإنما خُلِّدَ أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً . فبالنيات خُلِّدَ هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ . قال : على نيته ) . ( الكافي : 2 / 85 ) . فأفعالنا الإرادية لا تنحصر فيما قمنا به بدنياً ، بل هي كل مخزون أنفسنا وأرواحنا من النوايا التي بلغت مرحلة الصلاحية للتجسد في عمل ، وهي مثل كرة الثلج في الماء ، لم يظهر منها في أفعالنا البدنية إلا القليل القليل ! فالفعل كل الفعل في داخل أنفسنا ، وهو عمل إرادي يسمى النية ، وتبدأ بخطورات ذهنية وتصورات ، ثم تصل إلى حد العزم والقرار الجازم ، فتأمر النفس الدماغ فيصدر أمره إلى البدن بالفعل ، ويكون الفعل البدني على شاكلة الفعل النفسي أو الروحي .