ومن أمثلتها : الحكم على من صبغ شعره ولحيته بالسواد بأنه من أهل النار ! فقد روت ذلك المصادر بأصح الأسانيد ، أن النبي ( ص ) قال : ( من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة . . . وقال : قوم يخضبون بهذا السواد آخر الزمان كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ) ! رواه النسائي : 8 / 138 ، وأبو داود : 2 / 291 ، وأحمد : 1 / 273 ، والبيهقي : 7 / 311 ، ومجمع الزوائد : 5 / 163 . مع أنه لا يفتي بحرمة عمله فقيه ذو خبرة ! فكيف يستحق النار بدون ذنب ؟ ! ومن أمثلتها : ما رواه في البحار ( 18 / 352 ) من حديث المعراج : ( رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها ، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها ، ورأيت امرأة معلقة بثدييها . . . أما المعلقة بشعرها ، فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال . وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها ) . فكيف تستحق الزوجة بإيذائها زوجها بالكلام هذه العقوبة الغليظة ! وهل يمكن التعليق باللسان للحظات ، فضلاً عن أيام وسنوات ؟ ! وما حكم الزوج الذي يؤذي زوجته بالكلام وغيره ؟ والقاعدة التي يهمنا التنبيه عليها هي : أن العقاب الذي نصت عليه السنة بسند صحيح ، أو نص عليه القرآن الكريم ، يجب أن نبحث عن أصحابه ، فإن لم نجدهم وجب أن نتوقف ، لأنا لا نعلم على أي جرم تنطبق هذه العقوبة والبند الجزائي ! كما نلفت إلى أن الإشكال على بعض روايات النار والعقاب ، لا يجري في روايات الجنة والنعيم ، لأن العقاب محدود عقلاً وشرعاً ، بحدود الشريعة وبقدر الجريمة ، أما العطاء الإلهي فليس له حدود .