( 2 ) التعامل العقلاني مع آيات وصف النار وأحاديثها لا أريد بهذا العنوان التخفيف من إنذار الله عز وجل ، وإنذار رسوله ( ص ) بعذاب النار ، أعاذنا الله منها وجميع المؤمنين ، فإن الخوف والرجاء ضروريان لتقويم سلوك الإنسان . فقد سئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن وصية لقمان ( عليه السلام ) ( الكافي : 2 / 67 ) فقال : ( كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما فيها أن قال لابنه : خَفِ الله عز وجل خيفةً لو جئته ببرِّ الثقلين لعذبك ، وارْجُ الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ! ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : كان أبي يقول : إنه ليس من عبد مؤمن إلا في قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء ، لو وُزن هذا لم يزد على هذا ، ولو وُزن هذا لم يزد على هذا ) . فالرجاء نورٌ وأملٌ يجذب الإنسان إلى العمل الصالح ، والخوف نورٌ يمنعه من المعصية ويشد فرامله . فهما يشبهان الدفع الرباعي للسيارة . لكن مقصودنا بالعنوان التنبيه على ثلاثة أمور : الأمر الأول : أن العقاب والعذاب الوارد في القرآن والسنة ، له أصحاب معينون من الطغاة والمتكبرين والمعاندين والكافرين والعاصين . وقد يتصور المؤمن أنه موجهٌ إليه مع أنه لغيره ، فيصاب بالتعقيد ! ويتضاعف الضرر وتكبر المصيبة ، عندما يطبق المدرس أو العالم آيات العذاب على غير أهلها ، ويظلم مخاطبيه ، وهو يتصور أنه يخوفهم من النار ! حضرت يوماً موعظة أحد العلماء ، فأخذ يشرح سورة الماعون : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ . وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ . وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ .