خلقنا لأمر عظيم تذهل فيه عقول العقلاء ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) . أقول : بذلك تعرف اتفاق الجميع على أن الصراط جسر يمر فوق جهنم . ونحن لا نتبنى ما ذكره الشعراني وغيره في وصفه ، لأنا نتقيد بدلالة الآيات وما ورد عن أهل البيت ( عليهم السلام ) . وستعرف فروقاتها عما ذكر . ( 4 ) الآيات التي تشير إلى الصراط لا توجد آية صريحة في صراط القيامة ، إلا قوله تعالى : ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا . وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا . ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا . ( مريم : 70 - 72 ) . فقد روينا واتفق مفسرونا على أن معنى ورود جهنم : المرور على الصراط ، ووافقنا بعض أتباع الخلافة ، لكن أكثرهم قال إن الورود بمعنى دخول جهنم ! كما يأتي . نعم في هذه الآية إشارة إلى الصراط : واحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ . مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ . ( الصافات : 22 - 23 ) . فمعناه طريق الجحيم ، وهو عام ، لكنه ينطبق على الصراط محل الكلام . وكذا قوله تعالى : وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ . ( الحج : 24 ) فيه إشارة إلى الصراط أيضاً ، لأن طريق الجنة عام لكنه ينطبق على صراط المحشر . أما قوله تعالى : فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا . ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا . ( مريم : - 69 ) . فهو مشهد لأهل النار بعد الصراط ، بدليل الآية الثانية .