ومنها مواطن ومجامع ، يجمع الله فيها كل أهل المحشر لغرض من الأغراض أو يجمع فيها فئات معينة ، ليواجهها ببعضها ويقضي بينها . وقد تقدم تحت عنوان : أول المحشر ومقدماته ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قوله : ( فإن ذلك في موطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم ، الذي كان مقداره خمسين ألف سنة ، يجمع الله عز وجل الخلائق يومئذ في مواطن ، ويكلم بعضهم بعضاً ، ويستغفر بعضهم لبعض ، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا . ويلعن أهل المعاصي الرؤساء والأتباع الذين بدت منهم البغضاء ، وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا ، المستكبرين والمستضعفين ، يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضاً . . . ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فيه ، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معائشهم ، ولتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله فلا يزالون يبكون الدم . ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون : وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ . فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم . ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منهم . ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم : لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَئٍ . ثم يجتمعون في موطن آخر فيُستنطقون ، فيَفِرُّ بعضهم من بعض ، فذلك قوله عز وجل : يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه . فيُستنطقون فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيقوم الرسل صلى الله عليهم