يخرج من تسنيم ، ويمر بأنهار الجنان ، يجري على رضراض الدر والياقوت . فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر . يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة ، حتى يقول الشارب منه : يا ليتني تُركت هاهنا ، لا أبغي بهذا بدلاً ، ولا عنه تحويلاً . أما إنك يا كردين ممن تُرْوَى منه ، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقت منه من أحبنا . وإن الشارب منه ليعطي من اللذة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا . وإن على الكوثر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وفي يده عصا من عوسج يحطم بها أعداءنا ، فيقول الرحل منهم : إني أشهد الشهادتين . فيقول : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك . فيقول : يتبرأ مني إمامي الذي تذكره ، فيقول : إرجع إلى ورائك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق ، فاسأله إذا كان خير الخلق عندك أن يشفع لك ، فإن خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع ! فيقول : إني أهلك عطشاً . فيقول له : زادك الله ظمأ ، وزادك الله عطشاً ) . 2 . ورد في أحاديث المحشر أن الأرض : ( تكون لهم كالخبزة النقية يأكلون منها ، وأنهار متفجرة يشربون منها ) . ( شرح الأخبار ( 3 / 280 ) . وهذا لا ينافي أنهم بحاجة للشرب من حوض الكوثر ، فالمفهوم من أحاديث الورود على الحوض أن أمة النبي ( ص ) ترد عليه عند الحوض في أول المحشر ، كما ورد أن الناس في المحشر تتغير أمكنتهم وينقلون في بعض المواقف إلى أمكنة جديدة ، وفي بعضها يعيشون في ظلام إلا المؤمنين ، وفي بعضها يعطشون فلا يكون أمامهم إلا الورود على حوض الكوثر .