الرضا ( عليه السلام ) قال : ( إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد ، ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيرى الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا . وقد سَلَّمَ الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته ، فقال : وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا . وقد سَلَّمَ عيسى بن مريم ( عليه السلام ) على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال : وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) . أما ولادتنا الأولى ، فقد جاءت بعد حملٍ في رحم الأم دام تسعة شهور ، بعد عملية كبرى تسابق فيها خمسة ملايين حويمن لتخصيب بويضة الأم ! ومعناه أنه كان يمكن أن يتحقق احتمال آخر من خمسة ملايين ، وكل احتمال منها يعني أن يخلق شخص آخر غيري ، أو غيرك ! فمن الذي اختار هذا الحويمن ليأتي إلى الحياة دون غيره ، أو وضع القوانين الدقيقة المتشابكة لبويضة الأم ولخمسة ملايين متسابق ، ليفوز منها واحد ، ويفشل الباقي ؟ ! مَن الذي اختارك لتُخلق وتأتي إلى الحياة ، أو اختارني ، أو اختار إيلِيَّا أبي ماضي ، دون غيرنا من الخمسة ملايين ؟ إن كل واحد منها مشروع إنسان ، كامل الكرموسومات والجينات ، وله شخصية تختلف عن الآخرين أو تشبههم ، وقد كان على أهبة العبور والوصول إلى تخصيب البويضة ، فمُنِع ! فمن الذي منعه وسمح لأخيه بأن يكون إنساناً ؟ ! بالله عليك . . ألا ترى النظم والإتقان والهدف ، في فعل الله تعالى في ذلك ؟