ويقول آخر : لو خُيِّرْتُ لاخترت أن أكون في عصر أحد الأنبياء ( عليهم السلام ) . ويعطي الآخر رأيه في اختيار والده ، وآخر في اختيار والدته ، وعصره . ويقول آخر : لو خُيِّرْتُ لاخترتُ أن لا أُخلق ، لأبقى مرتاحاً . أما أنا ، فأختار ما أنا فيه بدون زيادة ولا نقصان ، لأن الله اختاره لي ، وهو أعلم بمصلحتي مني ، وأشفق عليَّ من نفسي ! وقد قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إن أعلم الناس بالله ، أرضاهم بقضاء الله عز وجل ) . ( الكافي : 2 / 60 ) . وقال ( عليه السلام ) : ( عجبت للمرء المسلم ، لا يقضي الله عز وجل له قضاء إلا كان خيراً له . إن قٌرِّضَ بالمقاريض كان خيراً له ، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له ) . ( الكافي : 2 / 62 ) . وتسألني : وهل الله اختار من الأزل أبويَّ وعصري ، وأين اختياري أنا ؟ فأسألك : وأنت ما هو رأيك ؟ هل تتصور أن الله تعالى مسبوق في شئ من خلقه ، وأنه يعمل كما يعمل الأشخاص ، أو الشركات ؟ ما أضعف بنيتنا في معرفة الله تعالى ، فنحن نتصوره مثلنا ! وقد قيل إن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيها ! ترانا نقرأ آيات القرآن ، ونقرأ الأحاديث ، لكنا لا نستوعب ! إقرأ معي قوله تعالى : اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَئٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ . . . وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ . . . وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ . . . المسألة مدروسةٌ يا صاحبي فلا يولد مولودٌ إلا بسابق علم وتخطيط وهدف .