قال آدم : يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد و طبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء ، لم يبغ بعضهم على بعض ، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ، ولا اختلاف في شئ من الأشياء . قال الله عز وجل : يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به ، وأنا الخالق العالم . بعلمي خالفت بين خلقهم ، وبمشيئتي يمضي فيهم أمري ، وإلى تدبيري وتقديري صائرون . لا تبديل لخلقي . إنما خلقت الجن والإنس ليعبدون ، وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا أبالي . وخلقت النار لمن كفر بي و عصاني ولم يتبع رسلي ، ولا أبالي . وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم ، وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملاً في دار الدنيا في حياتكم ، وقبل مماتكم . فلذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار . وكذلك أردت في تقديري وتدبيري ، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم ، فجعلت منهم الشقي والسعيد ، والبصير والأعمى والقصير والطويل والجميل والدميم ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح والسقيم ، ومن به الزمانة ومن لا عاهة به ، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي ، فأثيبه جزيل عطائي . وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني . وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني . وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته . فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء وفيما أعافيهم وفيما أبتليهم وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم وأنا الله الملك القادر ، ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما