لكن عندما عرف أن نزوله لأن الله تعالى اختاره رسولاً للنبي ( ص ) مع أن رسوله جبرئيل عنده ! فأمره أن يبلغ النبي ( ص ) رسالة خاصة أن الله يخيرك بين : أن تصير ملكاً رسولاً ، أو تبقى عبداً رسولاً من أبناء آدم . فلما سمع ذلك جبرئيل عرف أن نزوله لتكريم النبي ( ص ) وليس للنفخ في الصور ، فتنفس الصعداء : ( فلما رأيت ما اصطفاك الله به ، رجع إليَّ لوني ونفسي ) ! وقد أمر الله جبرئيل ( عليه السلام ) أن يشير على النبي ( ص ) وينصح له إذا استشاره ، فنصحه بأن الأفضل له أن يبقى عبداً رسولاً . ثم نظر النبي وجبرئيل ( عليهما السلام ) إلى إسرافيل وهو يصعد ، ووصف النبي صعوده حتى وصل إلى السماء السابعة . فأي بصر أعطاهما الله تعالى ، يريان به من الأرض إلى السماء السابعة ؟ لقد رأيا إسرافيل يخطو كل سماء بخطوة ! وهذا ما لا يقدر عليه غيره من الملائكة ، ورأياه كلما ارتفع نحو عرش الله تعالى صَغُرَ ، حتى صار آخر ذلك مثل الصُّرّ ، أي العصفور الصغير . والله تعالى لا يحده مكان ولا يخلو منه مكان ، فالأمكنة بالنسبة له على السواء ، لكن القرب من مركز عظمة الله تعالى وهو العرش ، يجعل الكبير يتضاءل تكويناً ، أو يتضاءل تبعاً لخشوعه لربه عز وجل . ( إن هذا حاجب الرب ، وأقرب خلق الله منه . . إنه لأدنى خلق الرحمن منه ، وبينه وبينه سبعون حجاباً من نور تُقطع دونها الأبصار ، ما لا يُعد ولا يُوصف . وإني لأقرب الخلق منه ، وبيني وبينه مسيرة ألف عام ) . جلَّ الله أن يكون له مكان وحاجب مثل الملوك . لكنه التنظيم الرباني للملائكة ، ومقام كل واحد ، أو مجموعة منهم .