ويقول الجوهري في الصحاح ( 2 / 717 ) : ( صَارَهُ يَصُورُهُ ويَصِيُرهُ ، أي أماله : وقرئ قوله تعالى : فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ، بضم الصاد وكسرها . قال الأخفش : يعني وَجِّهْهُنَّ . . وصرت الشئ أيضاً : قطعته وفصلته ) . والنتيجة : أنَّا أمام لفظة قرآنية تصف نفخةً في شئ اسمه الصور فتُحدث صيحةً يموت بها الأحياء . وأمامنا في اللغة أفعال وكلمات كلها أصول مستقلة تصلح أصلاً للصور ، فلا بد أن نختار منها ما يناسب المعنى . وينبغي التنبيه إلى أن الصور المنفوخ به هو وسيلة النفخة وليس مكانها . فالمعنى نفخ في شئ ، فأحدث صيحة ، فسببت وفاة الأحياء . ويمكن أن يكون الصُّور بمعنى ( المائل ) والمعنى : ونفخ في مائل الكون ، فلعل في تكوين الكون منطقة مائلة أو جداراً مائلاً ، والنفخ في الصور يؤثر عليها ، ويسبب سحب الأرواح من الأحياء وإنهاء الحياة . ويمكن أن يكون الأحياء في الكون كجماعة النخل والنفخ فيها ينهي الحياة . ويمكن أن يكون النفخ بمعنى التقطيع لأن صُرت الشئ بمعنى قطعته . أو بمعنى توجيهه إلى مرحلة جديدة ، لأن صُرته بمعنى وجهته . أرى أنا لا يمكننا الجزم بشئ من هذه الاحتمالات الممكنة ، لأنا لا نعرف مراحل عملية الإفناء ، وكل ما نعرفه أن إسرافيل ( عليه السلام ) يأمر بنفخة أو ينفخ هو في جهاز سماه الله الصور ، موجه نحو الأرض والسماء ، فتحدث بنفخته صيحة عظيمة ، تسبب موت أهل الأرض . ثم يفعل مثلها لأهل السماء . كما ينبغي التنبيه إلى خطأ فهم النفخة والصيحة بما يناسب محيطنا ، بل بما هذه العملية الضخمة .