كانت طبيبة ومثقفة . قالت لي يوماً : إن نقدك للأناجيل صحيح ، وعندي نقد لها أكثر مما ذكرت ، وأنا لا أؤمن بها ولا بشخصية المسيح التي تقدمها . وذات يوم قالت لي : يا أحمد إن نبيكم محمد صادق ، وأنت رجل صادق ، ورأت زوجتي وأولادي فأحبتهم ، وزارتنا في البيت وزرناها في بيتها . فقالت لي : لقد جاوزتُ الثمانين ولا وَلَد لي ، ولي ابن أخت لا أحبه يطمع هو وأقاربي أن يرثوني ، وأنا أعتبرك أنت وزوجتك وأولادك أولادي وأسرتي ، وقد قررت أن أعطيك ثروتي ، فخذها وابن بيتاً في الأردن ، وأنا أسكن معكم بقية عمري . قال أحمد : شكرتها وقلت لها : لا أستطيع أن أقبل ذلك . قالت : خذ مليون يورو هدية مني . فشكرتها وقلت : لا أستطيع . قالت : خذ لزوجتك وكل ولد مئة ألف يورو ، فشكرتها وقلت لا أستطيع ! لا يفوتنا أن صديقنا أحمد صاحب طبيعة خاصة في الإباء ، تمتد إلى أجداده بني ضمرة ، أولاد عم بني غفار ، قبيلة الصحابي الكبير أبي ذر رضي الله عنه . قلت له أخطأت في هذا الإفراط البدوي في الإباء ، فقد كان الأحوط لك أن تقبل ، ثم حرمت زوجتك وأبناءك ، فيجب أن تسترضيهم . قال أحمد : اشتد مرض الدكتورة ودخلت المستشفى . وكنت أزورها فتُخرج زوارها عندما أدخل ، وفيهم شخصيات كبيرة ، وتحدثني ، وتستمع إليَّ . كانت مصابة بالسرطان فثقل مرضها ، فقالت لي يوماً : إذهب إلى فلان الصيدلي وقل له عن لساني يعطيك حبتين ، وكتبت لي الاسم . سألتها : وما هي ؟ قالت : أنا خائفة من الموت ومن شماتة بعض الأقارب ، وأريد أن أنهي حياتي ! فقلت لها : هذا حرام ، ومن قتل نفسه يدخل النار .