يبشرانه بالنعيم ، ويبشرانه من الله تعالى بالرضا والثواب المقيم . . وقد قلنا فيما سلف أنه إنما ينزل الملكان على من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً ، ومن سوى هذين فيلهى عنه . وبَيَّنَّا أن الخبر جاء بذلك ، فمن جهته قلنا فيه ما ذكرناه ) . وقال في المسائل السروية / 62 : ( وقد ورد عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) أنهم قالوا : ليس يعذب في القبر كل ميت ، وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر ، ولا ينعم كل ماض لسبيله ، وإنما ينعم منهم من محض الإيمان محضاً ، فأما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم . وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة . فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه . وأما كيفية عذاب الكافر في قبره ، ونعيم المؤمن فيه ، فإن الأثر أيضاً قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جنانه ، ينعمه فيها إلى يوم الساعة ، فإذا نفخ في الصور أنشأ جسده الذي بليَ في التراب وتمزق ، ثم أعاده إليه وحشره إلى الموقف ، وأمر به إلى جنة الخلد ، فلا يزال منعماً ببقاء الله عز وجل . غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا ، بل يعدل طباعه ويحسن صورته فلا يهرم مع تعديل الطباع ، ولا يمسه نصب في الجنة ولا لغوب . والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا ، في محل عذاب يعاقب به ، ونار يعذب بها حتى الساعة ، ثم ينشأ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ، ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد . ويركب أيضاً جسده تركيباً لا يفنى معه ) . لكن للمفيد رأياً آخر بعموم السؤال لكل ميت ، فقد قال في أوائل المقالات / 322 :