وفي الكافي ( 3 / 250 ) : ( لما مات ذر بن أبي ذر ، مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال : رحمك الله يا ذر والله إن كنت بي لبَرّاً ، ولقد قُبضتَ وإني عنك لراض . أما والله ما بي فقدك ، وما عليَّ من غضاضة ، ومالي إلى أحد سوى الله من حاجة ، ولولا هول المطلع لسرني أن أكون مكانك ، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك ، فليت شعري ماذا قلت وماذا قيل لك . ثم قال : اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي ، فهب له ما افترضت عليه من حقك ، فأنت أحق بالجود مني ) . 3 . قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في نهج البلاغة ( 1 / 211 ) : ( سبحانك خالقاً ومعبوداً ، بحسن بلائك عند خلقك . خلقت داراً ( الجنة ) وجعلت فيها مأدبةً : مشرباً ومطعماً ، وأزواجاً وخدماً ، وقصوراً وأنهاراً ، وزروعاً وثماراً . ثم أرسلت داعياً يدعو إليها ، فلا الداعي أجابوا ، ولا فيما رغبت رغبوا ، ولا إلى ما شوقت إليه اشتاقوا . أقبلوا على جيفة افتضحوا بأكلها ، واصطلحوا على حبها ، ومن عشق شيئاً أعشى بصره وأمرض قلبه ، فهو ينظر بعين غير صحيحة ، ويسمع بأذن غير سميعة ! قد خرقت الشهوات عقله ، وأماتت الدنيا قلبه ، وولهت عليها نفسه ، فهو عبد لها ولمن في يده شئ منها ، حيثما زالت زال إليها ، وحيثما أقبلت أقبل عليها . لا يزدجر من الله بزاجر ، ولا يتعظ منه بواعظ . وهو يرى المأخوذين على الغرة ، حيث لا إقالة ولا رجعة ، كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون ، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون ، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون . فغير موصوف ما نزل بهم ! اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت ، ففترت لها أطرافهم ، وتغيرت لها ألوانهم . ثم ازداد الموت فيهم ولوجاً ، فحيل بين أحدهم وبين منطقه ، وإنه لبين