لا بالمال وتضخم الثراء ، قال تعالى : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " كما حمل معول الهدم على جميع وسائل العبودية والاستغلال فلم يجز بأي حال استغلال إنسان وتسخيره لصالح إنسان آخر مجانا . إن السياسة الرشيدة التي تبناها الإسلام في أيام حكمه لا تعرف التحيز ولا الالتواء لأنها لم تهدف إلى مصلحة الأقلية ، ولم تنظر إلى صالح قوم دون آخرين كما لم تعتن بإقليم دون آخر بل هي في عدلها ورحمتها شاملة لجميع الأمم والشعوب ، قد بنت قواعدها على العدل الشامل ووضعت أسسها على الإشادة بكرامة الإنسان ، وإعلان حقه في الحياة ، وعلى توطيد دعائم الأمن والدعة والاستقرار ، فحققت العدالة الاجتماعية ، وقضت على الغبن الاجتماعي ، ووجد الناس في ظلالها العدل بعد الظلم ، والوحدة بعد الفرقة ، والطعام بعد الجوع ، والراحة بعد العناء . إن السياسة العليا التي طبقها الإسلام في أيام دولته وسلطانه كانت صريحة واضحة في معالمها وأهدافها ، بعيدة عن التهريج والتضليل ، فلم تمن الشعوب بالآمال الكاذبة أو تغريهم بالوعود المعسولة ، أو تخدعهم بالأماني المضللة بل كانت - والحمد لله - محتفة بالصدق مقترنة بالعدل ، ملازمة للحق ، لم يلتق مع أي جانب من جوانبها إغراء أو خداع ، فليس من منطقها أن تخالف ما تقول ، أو تجافي ما تعد به ، أو تسن من الأحكام ما لا يتفق مع صالح المجتمع ، أو تضع من القوانين ما يعرقل سير الحياة . إنها في سماحتها وعدلها قد حققت آمال المجتمع وأهدافه فنشرت بين أوساطه الدعة ، والاستقرار فلم يعد هناك مجال للقلق والاضطراب كما رصدت جميع إمكانياتها للقضاء على الفقر ، والتخلص من شبحه البغيض ، فقد أبادت