فقلت : وكيف ذلك ؟ ونظرت إلى الرجل الذي كنت قلت له من ذلك ما قلت ، وقلت له : ألم أقل لك ؟ قال له الرجل : وكيف كان ذلك ؟ قال : إنّه لمّا طال مقامنا وكثر كلامنا / بين يدي مولانا قال لنا : اذهبا إلى مولاكما ينظر فيما بينكما ! فانصرفنا إليه فلمّا مثلنا بين يديه وأردنا أن نتكلَّم قال : اسكتا ! أكفيكما ونفسي . ثم نظر إلى صاحبي فقال : أليس هذا الوادي وما يجري فيه من الماء وما يسقي من الأراضي لنا ؟ قال : نعم . قال : وإنّما تنازعتما في هذا السقي ليطلب كلّ واحد منكما به توفير ما يجري لنا على يديه ؟ قال : نعم . قال : فأخبرني : لو كنت وكيلا على الموضعين ، أكنت تسقي موضعا وتدع موضعا بلا شرب ؟ فسكت . فقال : قل إن كنت تؤثر قول الحقّ ! قال : يا مولاي ما كنت أفعل ذلك . قال : صدقت ! فما لم تكن تفعله لنفسك فلا تلزمه لغيرك / . اذهب فأزل السّدّ واسق ما عندك ، وهذا ما عنده ، بحسب ما يعطيك الماء ويعطيه . فحكم لي بما كنت طلبت ، فانصرفت . فنظر إليّ الرجل الذي كنت خاطبته وقال لي : كأنّما واللَّه كشف لك عن غيب هذا الأمر . قلت : ما ذاك إلَّا بما جرّبته وعرفته بما قدّمت عندك ذكر بعضه .