يسمع ذلك ولا أرى وجها لفصل ما بينهما ، وكلَّما قلت في نفسي : قامت الحجّة لأحدهما ، أدخل الآخر عليه حجّة . فقال لي بعض من كان في الموكب ممّن قرب منّي : أما تسمع ما دار بين هذين ؟ قلت : نعم . قال : ما ترى فيه ؟ فقلت : واللَّه ما وقفت من ذلك على حقيقة أمر أقطع القول به ولقد اشتبه عليّ أمرهما وحسبك ما ترى من توقّف أمير المؤمنين ( ص ) عن [1] الفصل بينهما ، ولكنّي أقول : إنّهما لو وقفا بين يدي الأمير - أعني المعزّ لدين اللَّه صلوات اللَّه عليه - لفصل بينهما . قال : ومن أين قلت / ذلك ؟ قلت : لعلمي به . واللَّه ما ضاق عليّ أمر رأيته واشتبه [2] عندي وجه الحقّ فيه فرفعته إليه الَّا أجابني عنه قبل استيفائه آخره ، أو عندما يستوفيه ، بجواب ما خطر ببالي بعد الرويّة له والفكر فيه الأيّام الكثيرة والليالي العديدة ، [ و ] بما لا أشكّ فيه أنّه الحقّ الذي لا وجه له غيره . وذكرت له وجوها من ذلك ، سنذكرها وغيرها مما يجري مجراها في كتابي هذا إن شاء اللَّه فإنّي لعلى ذلك أحدّثه وهو يتعجّب ممّا يهيّئه اللَّه له ويهديه إليه من الصواب في ذلك ، إذ نظرنا إلى الرجلين قد انصرفا من بين يدي المنصور باللَّه عليه السلام / إليه فوقفا بين يديه ، وكان أقرب إلينا من المنصور ( صلع ) . فما هو إلَّا أن وقفا بين يديه حتّى انصرفا إلينا وما سمعنا لهما كلمة . وجاء أحدهما حتّى وقف بيني وبين الرجل الذي كنت أخاطبه ورأيت وجهه يتهلَّل ، فقلت له : ما كان من أمركما ؟ قال : انقطع كلامنا وفصل الأمير بيننا في كلمة واحدة بعد ما سمعت ما كان بين يدي مولانا عليه السلام .