حتّى يقضي ذلك الرجل حاجته ، فإذا خرج عاد إليه . ( قال ) وما سمعت قطَّ ما يجري بينهما ، وما علمت أحدا ممّن يقرب من المهديّ ( عم ) / كان يحلّ محلّ المنصور منه ، ولا رأيت أحدا يخلو معه ، فأدخل عليه على ذلك إلَّا كلَّمه بحضرتي ، وسمعت ما يجري بينهما ، إلَّا المنصور ( صلع ) . فذكر المعزّ لدين اللَّه ( صلع ) يوما مثل هذا من حاله ، وأنّ المهديّ ( صلع ) كان يغذّيه بالحكمة ، ويرشّحه للإمامة بحسب ما كان القائم باللَّه ( ص ) يفعل به هو . قال : فمن ذلك ما أخبرني به المنصور ( ص ) أنّه ابتدأ به . قال لي : دخلت إليه يوما وأنا حين ابتدأت النظر في الكتب ، فقال لي : نظرت في شيء من العلوم ؟ جمعت شيئا من الكتب ؟ قلت : يا مولاي ، ابتدأت في شيء من ذلك . قال : في ماذا نظرت ؟ فذكرت له ما أنظر فيه . قال : أما نظرت في شيء من الطَّبّ ؟ / قلت : لا . قال : إنّه أحقّ ما نظرت فيه وتعلَّمته ، ومثلك لا يستغني عنه . قلت : ما أمر به مولانا ( ص ) انتهيت إليه . قال : فأنا أخرج لك كتابا منه تنظر فيه . فلمّا دخلت من غد إليه ، ناولني كتابا ضخما وقال لي : هذا كتاب من الطَّبّ شريف ، فانظر فيه وصنه ولا يراه أحد عندك ، ولا تطالع أباك عليه ، ولا تخبر بما جرى بيني وبينك فيه ، واحتفظ بالكتاب غاية الاحتفاظ . فأخذته وشكرت له وانصرفت وأنا أقول في نفسي : وما في الطب ما يبلغ المهديّ ( عم ) به هذا المبلغ ؟ وسترته كما أمر . فلمّا صرت إلى مكاني ، نظرت فيه ، فإذا فيه من علم الباطن ، وأنا لا أعرف / يومئذ ذلك ، فتحيّرت فيه ، وتوهّمت أنّه أمثال مضروبة في الطبّ ، وأقمت يومي وليلتي أدرس فيه فلا أرى إلَّا علم الباطن محضا . فلمّا دخلت إلى المهديّ ( صلع ) من غد ، أدناني وقال لي : نظرت في الكتاب ؟