وعيده لمن وعده بالثواب ووعده لمن تواعده بالعقاب ، فاضلَّوا كما قال اللَّه ( تع ) : * ( « وأَضَلُّوا كَثِيراً وضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ / [1] » ) * وكأنّهم لم يسمعوا قول اللَّه وهو أصدق القائلين : * ( « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [2] » ) * ، ولا قوله لرسوله : * ( « وأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [3] » ) * . فلا هم عن الرسول أخذوا البيان ولا إلى أهل الذكر ردّوا ما اشتبه عليهم من آي القرآن ، بل أمضوا ذلك على آرائهم وتأوّلوه بأهوائهم . ولو جاز ذلك لأحد لجاز لرسول اللَّه ( ص ) . فقد أخبر اللَّه ( عج ) في كتابه وأمره بإخبارهم بنفي ذلك عن نفسه فقال : « قل إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيّ من ربّي [4] » ، وقال ( عج ) مخبرا عن رسول اللَّه ( صلع ) : * ( « والنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وما غَوى » ) * إلى * ( « شَدِيدُ الْقُوى [5] » ) * . فأجازوا من القول / لأنفسهم ما يجوز [6] عندهم لنبيّهم ، وما شهد كتاب اللَّه بخلافه لهم ، جرأة على ربّهم واستخفافا بدينهم . وذكر اللَّه ( عج ) المنافقين في كتابه وأمر بجهادهم نبيّه . فلو سئل هؤلاء عن المنافقين من هم فسمّوهم بدعواهم عليهم ، ونسب أولئك اسم النفاق إليهم وأوجبوا أنّهم هم المنافقون بأعيانهم ، ما كانت تكون حجّتهم عليهم إن لم يرجعوا إلى بيان الرسول وسؤال أهل الذكر كما أمرهم اللَّه ( عج ) ، وإلَّا فلا حجّة لبعضهم على بعض وكلَّهم مدّع بلا بيان . فذكرت عند قول المعزّ ( ص ) هذا ، قول جدّه الصادق جعفر بن محمد ( صلع ) وقد سأله بعض مواليه / عن الاختلاف في الفتيا لم كان بين الناس ؟ فقال ( عم ) للسائل : هل بلغك أنّهم اختلفوا على عهد رسول اللَّه ؟ فقال : لا واللَّه ، جعلني اللَّه فداك ، ما بلغني ولا سمعت أنّهم اختلفوا على عهد رسول اللَّه . فقال له جعفر : ولم لم يختلفوا حينئذ .
[1] المائدة ، 78 . [2] النحل ، 43 . [3] النحل ، 44 . [4] الأحقاف ، 9 ، وقد التبست الآية عند المؤلف ( أو الناسخ ) بالآية 203 من سورة الأعراف . [5] النجم 1 - 5 . والمقصود بالذات الآيتان 3 و 4 : وما ينطق عن الهوى ، إن هو الا وحي يوحى . [6] ب : ما لا يجوز .