باللَّه ربّك وبنا ، فو اللَّه لا ينالك مع الثقة باللَّه وعزّ الدولة مكروه تحذره في دين ولا دنيا ! هذه الألسنة الحداد هي متاجر النّساء والسّفل والأوغاد ، تذهب بالإعراض عنها وتزول بالاطَّراح لها ، وتزيد وتعظم ما علم السّفل نفاقها ، فلا تصغ إلى سماعها ولا تلق بالا بها ! فو اللَّه ما سبيلهم عندي إلَّا كسبيلهم عند المنصور ( صع ) ، فلقد سمعته يقول ويؤكَّد ذلك ويحلف عليه - وذكر كلاما - : ولَّاهم اللَّه ما تولَّوه وجزاهم بما اعتقدوه ! ومع هذا فللملك سياسة يساس بها ، ولنا حدود لن نتعدّاها . واللَّه يظهر أمره على رغم الراغمين ولو كره المشركون ! واللَّه / يؤتي فضله من يشاء ، واللَّه سميع عليم . فلمّا قرأت توقيعه هذا سلوت ممّا كان ضاق به صدري [1] . وكأنّما كنت في غفلة عمّا ذكره ( صع ) . وأنا أروي قبل ذلك عن الصادق جعفر بن محمد ( صع ) أنّه قال : إنّ المكروه أسرع إلى شيعتنا وأوليائنا من الماء إلى مقرّه ، ومن الطير إلى وكره . فمن تولَّانا فليستقدّ له من الصبر جلبابا . وقوله لبعض أوليائه ، وقد كان شكا إليه ما يناله من الناس مثل الذي شكوته ، فقال له : أوما تحمد اللَّه على ذلك ؟ إنّ الشيطان لمّا يئس من أوليائنا أن يصرفهم عن ولايتنا التي بها ينال ما عند اللَّه ، أغرى النّاس بهم / وحرّضهم على أذاهم ، فلذلك ما يلقون منهم . وقوله لآخر شكا إليه مثل ذلك : ما فعل ذلك بك إلَّا أنت بنفسك ! فقال : وكيف ذلك يا ابن رسول اللَّه ؟ واللَّه ما أتعرّضهم وإنّي لأصبر على مكروههم وأعرض عنهم . فقال : إنّ ذلك ليس هو الذي يرضيهم منك ولا الذي يقطع شرّهم وأذاهم عنك . قال : وما الذي يرضيهم ويقطع عنّي أذاهم ، جعلت فداك ؟ قال : الذي يرضيهم عنك ويغبطهم فيك ويحبّبك إليهم ويدنيك منهم ويزلفك لديهم ويقرّبك عندهم ، أن تتولَّاهم وتقول بقولهم وتعادينا وتبرأ منا لهم .