حدّك ، ونحو هذا من القول ممّا يوهمون به أنّهم يعرفون ما يسألون عنه . ولا واللَّه ما يعرفون أكثر ذلك . ثمّ قال لمن خاطبه : كيف قال فلان لفلان [1] منهم ؟ يعني ما قاله بعض / الأولياء لبعض الدعاة . قال : نعم ، تكلَّم يوما وهو في مجلسه فرآه معرضا عن كلامه ، فقال له : أراك تعرض إعراض من لا يعرف ما قيل له . فقال : أنا لأعرف بهذا ، هذه واللَّه ملاعب صبياننا . إن يكن عندك غير هذا فهاته نصغ إليك إذا لم نكن - قبل هذا - نعلمه . قال [2] : فما قال له الشيخ ؟ قال [3] : سكت . فلم يقل المعزّ ( صلع ) في هذا شيئا . وهذا وإن كان الدّاعي قد عنّف الرجل فيه ولم يترفّق فيه كما ينبغي الرّفق به ، وما عمل بما قاله الصّادق جعفر بن محمّد ( صلع ) : تواضعوا لمن تعلَّمونه العلم ، ولا تكونوا علماء جبّارين فيذهب باطلكم بحقّكم [4] . فإنّه لم يكن ينبغي للرجل أن يقول له ما قاله / لأنّ قوله ذلك إزراء على الحكمة واستقلال لها ، فليس تكرار الحكمة ممّا يضع منها ، ولا ينبغي له الإعراض عنها ، وقد جعل اللَّه ( عج ) لمن أصغى إلى استماع كتابه وتدبّره ، ثوابا على ذلك ، جلّ ذكره . وليس في كلّ وقت تعلق الحكمة بالقلوب وينتفع بها من سمعها . وربّما مرّت على الآذان مرارا كثيرة فلم ينتفع السّامع بها ، ثمّ سمعها بعد ذلك فانتفع . ولو طولب قائل ذلك بتأدية ما استودع ، وقضاء واجبات ما سمع ، لقصّر عن ذلك وانقطع ، ولزمته الحجّة فيما طلبه من المزيد ، وهو لم يضبط ولا قام بواجب ما بلغه من الحدود ، حتّى إنّه لو طرح عنه في ذلك الباطن كلَّه وأخذ بإقامة ما / عرفه وأمر به من إقامة ظاهره ، لقعد عن كثير منه وقصّر وتخلَّف
[1] لفلان ساقطة من أ . [2] القول للخليفة المعز . [3] ب : قال له . [4] انظر دعائم الاسلام 1 : 80 .