ناظره بين يديه . فقال له : ما سبب خروجك على أمير المؤمنين والدّعاء إلى غيره ؟ قال : لأنّي رأيت أن عليّا / أحقّ من العباس . قال : بماذا ؟ قال : لأنّه وارث رسول اللَّه ( صلع ) . قال له : كذبت ! العمّ أولى من ابن العم ! فلم يحر جوابا ، فأشهد عليه بانقطاعه وأشهد بأنّه أقرّ بأنّه كان مبطلا في دعواه . قال أمير المؤمنين عليه السلام : والمحتجّ عليه [1] كان أقرب إلى الانقطاع منه لو كان يدري وجه الحجّة ويقوم بها . فلمثل هذا من احتجاج المبطلين ودعوى الظَّالمين أحبّ أن تكون سيوف الحقّ في ألسنتكم وأيديكم ، وسيف اللَّسان أقطع ، لأنّ سيف اليد يملكه البرّ والفاجر بالغلبة ، وسيف اللسان لا يملكه إلَّا أهل الحقّ ، فذلك مشترك فيه ، وهذا متوحّد به / لا يكون إلَّا لأهله ولا يملكه غير أصحابه إن ناصبوا به ظفروا وإن جالدوا به قتلوا . أريد منكم أن يكون بيد كلّ واحد منكم قبيس يستضيء به ويستضاء منه كنار موسى ولا تجتمعوا على قبس واحد . فقال بعض القوم : لذلك ما قال بعض العامّة - وقد نظر إلى بعض أصحابه ، وقد قطعه بعض من ناظره بحجّة - لا تناظر [2] هذا فإنّه ذو حجّة . فقال : وما أراد بهذا ؟ فقال : لا أدري . فقلت : لعلَّه أراد ما يقولون : كلّ مفتون ملقّن حجّة . قال : ويقولون ذلك ؟ قلت : نعم ، كذلك يقولون ، كأن لم يسمعوا قول اللَّه عزّ وجلّ : * ( « وتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِه [3] » ) * ، فإن كان / كلّ من لقن حجّة مفتونا فقد فتن إبراهيم على قولهم .
[1] أي : العباسي . [2] في الأصل : لا تناظره . [3] الأنعام ، 83 .