وقد تتّضح لنا هذه الإشارات إذا قابلناها بما ذكره الخطَّاب أحد الدعاة اليمنيّين عن الدعوة الجديدة : « ثم اتّصل أبو عبد اللَّه صاحب دعوة المغرب عن أمر إمامه عليّ بن الحسين « - سلام اللَّه عليه - فأقام عنده في اليمن وشهد معه وقائع كثيرة ، وجاهد « بين يديه ، ثم بعثه من أرض اليمن إلى أرض المغرب ، فشخص إليها وكان من « خبره في طريقه ما ضمّنه كتاب افتتاح الدعوة بالمغرب . أظهر اللَّه به دعوة « الحقّ ، وكان على يديه طلوع الشمس ، وذلك أنّه لما ظهر النور باليمن وبلاد « المغرب سار وليّ اللَّه في أرضه عليّ بن الحسين ( ص ) يريد بلاد المغرب حتى « كان في بعض طريقه فأظهر الغيبة واستخلف حجّته سعيد الملقّب بالمهديّ « - سلام اللَّه عليه - فثبّت قواعد الدعوة وجرى عليهما من ضدّهما « بسجلماسة من العمّال بالمغرب ما جرى ، ووقى اللَّه وليّه - سلام اللَّه عليه - « كيده لما كان من زحف أبي عبد اللَّه عليه وظفره به واستخراجه وليّ اللَّه « - سلام اللَّه عليه - من سجنه ، فلمّا حضرت المهديّ النقلة سلَّم الوديعة إلى « مستقرّها وتسلَّمها محمد بن علي القائم بأمر اللَّه تعالى ، وجرت الإمامة في « عقبه [1] » . وقد يكون في هذا النصّ تفسير لما قالته تلك المرأة من نساء المهديّ . ويذهب الداعي إدريس عماد الدين هذا المذهب فيقول : « ولما توطَّدت قوانين الدعوة الهادية بالمهديّة وظهر أهل الكهف من كهف « التقيّة ، وآن الأجل وانقضى المهل ، سلَّم الإمام المهديّ باللَّه إلى ولده القائم رتبته « وأدّى إليه وديعته وأمانته وأظهر الغيبة [2] » . فكأنّ القائم لم ينسب إلى المهديّ إلَّا على أساس البنوّة الروحيّة ، مثلما اعتبروا سلمان الفارسيّ واحدا من أهل البيت لانتسابه روحيّا إليهم ، ولعلّ المهديّ لم يكن غير إمام مستودع . ويذكر نصّ المجالس أنّ ولد المهدي مرض بالجدري فعمي . وهذه دلالة أخرى على أنّ الإمامة قد خرجت من بيته إلى بيت آخر .