ورد على لسانه [1] مع ما في هذا العمل من صعوبة وجهد . وكانت مراجعة الخليفة لمحتواه تزيد النعمان وثوقا من عمله . فيقول : « إنّ ما أثبته في هذا الكتاب كأنّه هو لفظه « وإن لم يكن هو بحقيقته ، لما أجازه على المعنى وسقط عنه تهمة التحريف « والإحالة ، وإن سقطت منه فضيلة الفصاحة والجزالة ، ومعجز الألفاظ « في المقالة ، ولكنه صار بذلك من أصدق الحديث وأصحّ النقل [2] » . وإذا كان النعمان قد وضّح خطَّة العمل في هذا الكتاب ، وحدّد مادّته ومحتواه ومرتبته من الوثوق باعتبار توخيّه التسجيل المباشر أوّلا ، ثم مراجعة المعزّ لهذه الموادّ التي تسقّطها كاتبها على توالي الأيّام ، فقد ظلّ التاريخ الذي توقّف فيه مبهما نظرا لأنّ صفة التأريخ لم تجىء في هذا الكتاب إلَّا بصورة عرضيّة . وقد ذكر الكتاب بعض الأحداث التي يمكن التوثّق من تاريخها ، مثل : أ - أسر ابن واسول واستقدامه إلى المنصوريّة ، وذلك سنة 348 ه [3] . ب - بداية العمل في إجراء نهر عين أيّوب إلى القيروان وكان ذلك في المحرّم سنة 348 أيضا [4] . ج - الإعذار الجماعي سنة 351 ه [5] . د - سؤال المعزّ للنعمان في المسايرة رقم 280 [6] هل أنجب ولداه علي ومحمد ، وجواب النعمان أنّ لكلّ منهما جارية لم يقنع بها للولد ، وأنّهما قد تاقت نفسهما إلى التزويج ، وعاق ومنع ذلك أنّه لم ينظر لهما بعد في مساكن . ونحن نعلم من جهة أخرى أنّ أبا الحسن عليّ بن النعمان قد ولد في شهر ربيع الأول سنة 329 ه [7] وأنّ أبا محمد عبد اللَّه ولد يوم الأحد 3 صفر سنة 340 ه . فلذلك نقدّر أنّ هذه
[1] ص 301 . [2] ص 302 . [3] ص 217 . وفي هذا أيضا دليل على أن النعمان لم يفرغ من تأليفه سنة 346 / 957 كما قال الدكتور الدشراوي حين ظن أن كتاب المجالس وكتاب سيرة المعز هما كتاب واحد . [4] ص 332 . [5] ص 553 . [6] ص 543 . [7] ابن خلكان : الوفيات 5 : 51 - 54 .