ذلك قد مات ، فقيل : قضى قضاؤه ، فهو أبين بالموت / أنّه مات . وإن استعملوا ذلك فيمن حكم عليه أو أحكم أمره فهو على ذلك يجري أنّه بيّن الحقّ فيه من الباطل . وأمّا قولهم : إنّه قضى الموت . فإنّما يراد به قضى ما كان عليه من لازم الموت ، ومنه قول اللَّه عزّ وجلّ : * ( « فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَه ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [1] » ) * والنّحب : النّذر . وإن حمل على البيان خرج منه ، كأنّه لمّا مات تبيّن أمره . فهذا الذي ذكره هذا القائل ، وما لم يذكره من قول اللَّه عزّ وجلّ : * ( « وقُضِيَ الأَمْرُ واسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ [2] » ) * أي : بيّن لهم الأمر الذي كان يعدهم به نوح عليه السّلام . وقوله [3] : * ( « فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْه الْمَوْتَ / ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِه إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَه [4] » ) * يعني أنّه بيّنه عليه ، ولو كان حتمه لكان الموت محتوما على الحيّ والميت . ومثله : « يقضي الحقّ وهو خير الفاصلين [5] » أيّ [ ي ] بيّنه . وأمّا قوله : * ( « يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّه خَمْراً ، وأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِه قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيه تَسْتَفْتِيانِ [6] » ) * أي : بيّن لكما الأمر الذي سألتما عنه . وقوله : * ( « إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها [7] » ) * أي : بيّنها لولده بقوله ذلك لهم . وقوله : * ( « لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ [8] » ) * أي : لبيّن لهم . وقوله : * ( « قُلْ / لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِه لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ [9] » ) * أي : بيّن .
[1] الأحزاب ، 23 . [2] هود ، 44 . [3] في الأصل : وقولهم . [4] سبأ ، 14 . [5] الأنعام ، 57 . وفي قراءة ابن كثير وعاصم ونافع : يقص الحق ، انظر الكشاف ج 2 ص 25 والبيضاوي ج 2 ص 191 . [6] يوسف ، 41 . [7] يوسف 68 . [8] يونس 11 . [9] الانعام ، 58 .