وكذلك أئمّة الضلال هم أعظم جرما ووزرا من أتباعهم من الجهّال . ومن هذا ما حكى اللَّه عزّ وجلّ عنهم لمّا تبيّنت لهم الأمور من قولهم : * ( « رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، رَبَّنا آتِهِمْ / ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ والْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [1] » ) * . ( قال ) ومنه لعن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله يوم أحد [2] القادة والرؤساء من مشركي قريش وكان أكثرهم يومئذ بنو أمية . ومنه الحديث : أعظم الناس عذابا يوم القيامة من نصب ضلالا فاتّبعه الناس عليه . ومنه الحديث أيضا : من استنّ سنّة حسنة فعمل بها وعمل بها بعده فله أجره وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء . ومن استنّ سنّة سيّئة فعمل بها وعمل بها بعده كان عليه وزره ووزر من عمل بها بعده / من غير أن ينقص من أوزارهم شيء [3] . ومنه قول اللَّه عزّ وجلّ : * ( « ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [4] » ) * . وكلّ هذا يؤيّد قول المعزّ عليه السلام : إنّ الآمر بالمعصية المتبوع فيها أعظم جرما ممّن اتّبعه ، لا سيما إن كان مخدوعا / مز / يّنا له [5] كما ذكر ذلك عليه السلام في آدم عليه السلام . وقد أخبر اللَّه عزّ وجلّ بإنعامه عليه بقوله : * ( « وعَصى آدَمُ رَبَّه فَغَوى ثُمَّ اجْتَباه رَبُّه فَتابَ عَلَيْه [6] » ) * ، وقال لإبليس : * ( « اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ [7] » ) * . وقال : * ( « فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ [8] » ) * . فحرمه فضله وأيأسه من رحمته بجرأته وعظيم جرمه / .
[1] الأحزاب ، 68 . [2] في الأصل : يوم الأحد . والحديث : أعظم الناس عذابا ذكر بمعناه لا بلفظه في صحيح الترمذي 10 / 142 وسنن ابن ماجة 1 / 75 . [3] ابن ماجة 1 / 74 ( رقم 203 - 207 ) . [4] العنكبوت ، 13 . [5] في الأصل : يناله ، والاصلاح منا ، قياسا على ما مر من كلام في توبة آدم . [6] طه ، 121 - 122 . [7] الأعراف ، 18 . [8] الحجر ، 34 - 35 .