عليه أثر قبول . فقال لي : ناولني ذلك الكتاب أر أثر ما فيه عن آبائنا - / يعني / كتابا كان فيه شيء من ذلك - فلمّا ناولته / إيّاه أدناني منه ، وقال لي : قد سمعت ما ألقينا إلى هذا الرجل الساعة ، فلم يؤثّر فيه . وأنا أفتح هذا الكتاب ، فقف أنت مكانك [1] وانظر إلى ما في الكتاب واسمع ما ألفظ أنا به - يقول لي ذلك سرّا - ثمّ فتح الكتاب وجعل كأنّه يقرأ عليه منه ، وهو إنّما يحدّثه من حفظه وعن نفسه . وكاد أن يطير إعجابا منه بما سمعه ، ثمّ طوى المنصور عليه السلام الكتاب وقال : قد رأيت وسمعت ؟ قلت : نعم . قال : فما بينك وبينه في ذلك [2] . ثمّ قام واجتمع معي الرجل بعد ذلك ، فقلت له : كيف ما سمعت ممّا في ذلك الكتاب [3] ؟ فقال : سمعت واللَّه يا مولاي شيئا ما سمعت بمثله / قطَّ . فإن رأيت أن تسأله أن يمنّ على عبده بشيء منه ينسخه ؟ فجعلت أزهّده فيه وهو يزيد في ذكر مقدار [4] ما سمعه ، وقال : واللَّه إنّه كلام لا يحتاج معه إلى غيره . وجعل [5] يعظَّمه ويذكر فضل ما سمعه . فقلت : يا هذا ، إذا كان هذا يقوله مثلك ، وأنت تعلم أنّه لا يأتي إمام إلَّا أعطاه اللَّه فضل الإمام الذي مضى قبله وعلمه وحكمته ، وزاده مثل ستّة أسباع ذلك [6] ، وإنّك [7] ترى أنّ هذا الذي جاءك ، من إمام سبق وسلف بعده جماعة من الأئمّة عليهم السلام ، وأنت مع إمام جاءك من بعدهم في أعقابهم تغبط مثل هذا الاغتباط / بما جاءك عمّن مضى ، وتعرض عمّن أنت في عصره ، فما عسى أن يكون من غيرك ممّن تريد أن ترشده وتدعوه وتعرّفه ؟
[1] أي بجانبي . فالمعز يراقب الكتاب الذي يتظاهر المنصور بقراءته على الرجل . [2] تعبير دارج ومعناه : دونك الرجل ، أي : الأمر بينك وبينه . [3] هنا أيضا تعبير متساهل : كيف رأيت ما سمعت أي ما قولك فيه ؟ [4] مقدار بمعنى قدر . [5] في الأصل . وانه جعل [6] تبدو فكرة تفوق الامام اللاحق على السابق في العلم غريبة ، ولم نعثر عليها في غير هذا النص ولا في غير هذا الكتاب . فهذه الستة أسباع من العلم التي تضاف إلى الامام اللاحق ليست من العلم الذي نزل على آدم والأنبياء من بعده وتوارثه الأئمة إماما بعد إمام ( انظر كلام المعز عن جعفر الصادق في ص 272 ) . [7] في الأصل : وانه