قلت : اللَّه ؟ قال : اللَّه ! قلت : فطب نفسا وأقرر عينا ، فو اللَّه ما نالك شيء تكرهه من قبله ! فكان كما قلت له : لم ير ضررا إلى إن مات في حياة المنصور عليه السلام وهو من الخدمة على سبيل ما كان فيه ثم حفظ ولده له وأقامه مقامه ، وما ذاك إلَّا أنّه كان ، كما ذكر ، مخلصا . ثم ذكر المعزّ لدين اللَّه عليه السلام بعض هفوات ولده هذا وأنّه تناول بعض الأولياء بما ليس فيه ، فأغضى عنه صلوات اللَّه عليه حفظا لأبيه ، وأكثر ما كان منه في ذلك أن جعل يتعجّب ويقول : قال فلان لفلان : أنت كذا وكذا - لشيء قاله له من السبّ / - ونحن نعلم من حالهما ما نعلمه ، وما يرمي البريىء بالعيب إلَّا من كان من أهل العيوب . فأنشدته البيت السائر في ذلك ( وافر ) : < شعر > وأجرأ من رأيت بظهر غيب على عيب الرّجال ، ذوو العيوب [1] < / شعر > فقال عليه السلام : صدق قائله . حديث في مسايرة في سوء تمييز الجهّال : 34 - ( قال ) وسمعته يقول في مسايرة : إنّا نأثر [2] عن جدّنا عليّ عليه السلام أنّه قال : ما قرّب اللَّه الخير قطَّ من قوم إلَّا زهدوا فيه . وقال : ومن عرّفه للناس ورأوه تهاونوا بعلمه ، وأكثر ما يكبر في صدورهم ما أتاهم عمّن لا يعرفونه . ( قال ) ولذلك قيل / إنّ بعض الحكماء خرج في ابتداء أمره من بلده لطلب الحكمة ، فجوّل في البلاد وأمعن في الطلب حتى لم يجد عند أحد أكثر ممّا عنده . فانصرف إلى بلده وكان أهل ذلك البلد قد عرفوا طلبه ، وانتهى إليهم ما أفاده من الحكمة وبلغه من العلم ، فأتوا إليه يسألونه الفائدة ويلتمسون منه الحكمة ، فأغلق دونهم
[1] البيت في البيان والتبيين للجاحظ غير منسوب إلى قائل ( ج 1 ص 59 من طبعة السندوبي ) . وفي طبعة هارون ( ج 1 ص 58 ) نسب البيت إلى مكي بن سوادة دون إحالة إلى مرجع . وكأن الناشر استنتج هذه النسبة من اتفاق البيت مع بيتين آخرين لهذا الشاعر في الوزن نفسه والروي . وورد البيت كذلك في عيون الأخبار لابن قتيبة ( طبعة دار الكتب ج 2 ص 14 ) غير منسوب إلى قائل . [2] أثر يأثر ( بضم عين المضارع وكسرها ) الحديث : رواه ونقله .