( قال ) / ثمّ انتبهت والرسول قائم ، فقال : قد حضرت القوم .
قلت : أدخلهم ! فأدخلهم إليّ فعرّفتهم ما بعثت فيه إليهم وما رأيته وأنا من العلَّة والضعف فيما لا يطمع لي بالحياة فيه من رآني . فو اللَّه ما أمسيت يومئذ إلَّا مفيقا معافى ، وعادت القوّة في أيّام قلائل باتّصال الصحّة ، فانصرفت بعد بلوغ الأمل ونيل البغية والظفر .
ذكر طهور ولد المعزّ لدين اللَّه ( ص ) :
291 - ( قال ) ولمّا أراد الإمام المعزّ لدين اللَّه ( صلع ) أن يطهّر عبد اللَّه ونزارا وعقيلا بنيه تقدّم إلى خاصّته وأوليائه وسائر جنده وعبيده وجميع رجاله وكافّة من بالحضرة من سائر التّجار والصنّاع وعامّة الرعيّة بالمنصورية / والقيروان ، وجميع أهل مدن إفريقيّة وكورها من حاضر وباد ، وأمر بالكتب إلى العمّال من لدن برقة وأعمالها إلى سجلماسة وحدودها وما بين ذلك وما حوته مملكته وإلى جزيرة صقليّة ومن بها من طبقات الناس في حضر وبدو ، أن يتقدّموا في طهور أبنائهم يوم الثلاثاء أوّل يوم من شهر ربيع الأوّل من سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة إلى انقضاء هذا الشهر ، وأمر أن يحمل إلى كلّ بلد من هذه البلدان من الحضرة أموال وخلع تفرّق على كلّ من طهّر من أبناء المسلمين من خاصّ وعامّ .
فكان الذي رأيناه حمل إلى صقليّة من المال خمسين حملا [1] سوى الخلع / ، ومثل ذلك ونحوه إلى كلّ عامل ليفرّقه على أهلّ عمله . وتقدّم ( صلع ) في طهور ولده يوم الثلاثاء هذا المذكور ، وجلس بنفسه الزكيّة لطهور سائر أهل الحضرة ومن يليها من البوادي ، وأمر بضرب سرادقات بساحة قصر البحر حول الماء وبإدخال الصبيان مع من أراد الدخول معهم من آبائهم وأمّهاتهم وعبيدهم وخدمهم ، ومن أرادوا أن يطهّروه من عبيدهم . واعتزم على أن يصل الطهور أيّام هذا الشهر كلَّه .
وذاع في الناس أنّه أمر ( صلع ) أنّ من لم يطهّر ولدا يكون عنده في هذا الطهور ثمّ يطهّره [2] بعد ذلك لمدّة سبع سنين فقد أنف عن / فضله ، وخالف أمره .

[1] ذكر المقريزي ( اتعاظ الحنفاء ص 136 ) ان الخمسين حملا كانت من الدنانير ، وأن كل حمل عشرة آلاف دينار .
[2] في أ : ثم لم يطهره

556