بعض ما يسلَّي الغمّة ويذهب العلَّة . والمنصور ( ص ) كالمغضي على شوك القتاد والقابض على جمر الغضا ، ثمّ لا يرى أنّه في شيء من ذلك أخصّ الناس به وأقربهم إليه صلاة اللَّه ورحمته وبركاته عليه من صابر على أمر اللَّه محتسب فيه . فضاعف اللَّه له أجر ذلك وأحسن عليه جزاءه . كلام في مجلس في النهي عن استقلال فضل اللَّه عزّ وجلّ : 236 - ( قال ) : وسمعت الإمام المعزّ ( ص ) يقول : إنّا ربّما أردنا أن نستعمل بعض رجالنا وعبيدنا على العمل فيستقلَّه من نندبه إليه ويحتقره ، ويرى نفسه فوق ما ندبناه إليه وأردنا استعماله عليه ، فينحطَّ / عندنا بذلك حتّى نراه دون ما أردناه له ، لأنّه قيل : من رفعته الولاية وتشامخ لها فهي فوقه وهو دونها ، ومن تواضع فيها فهي دونه وهو فوقها . ثمّ قال ( عم ) : أفلا ينظر هؤلاء الجهّال الحمقى أنّ الذي يأنفون منه من الأعمال قد تقلَّدناه [1] نحن ؟ فهي بعض أعمالنا ما رغبنا عنها ولا رفضناها ، وإنّا لننظر فيها بحسب ما ننظر في أعلى الأعمال وأجلَّها ، فيأنفون ممّا لا نأنف عنه ، ويجلَّون أنفسهم عمّا لا نجلّ أنفسنا عنه . إنّما لهم فينا أسوة ، ثمّ أعظم من ذلك وأجلّ : إنّ اللَّه عزّ اسمه وتعالى ذكره هو خالق ما استنكفوا منه ، ومدبّره والناظر فيه بحكمته ، ما أهمله ولا ضيّعه / بل رعاه وحفظه ، واستحفظنا إيّاه . فما كان اللَّه تعالى قد وليه برعايته واسترعانا إيّاه فرعيناه بما خوّلنا من فضله نسترعيه هؤلاء الجهّال فيأنفون عنه استكبارا بأنفسهم ورفعة بها عمّا وليه اللَّه - جلّ ذكره - ووليناه بأمره . وجعل يتعجّب من ذلك ، فسمعت منه في هذا المعنى ما لم أظنّ أنّي أسمع مثله من الحكمة والتحذير والموعظة . فقلت : يا مولاي ، ما ذهب بنفسه عن شيء تأمر به ، ولو كان كسح المراحيض والأزبال ، إلَّا من تعدّى طوره وجهل قدره . أو لم يعرف ما أوجب اللَّه ( تع ) لك عليه ؟