عندي أحد منهم نصرة ولا قياما أكثر من أن أقصيهم عن نفسي وأبعدهم عن قربي ، وينال منّي وأسمع ، وتهضم أموالي وتؤكل ، وأنا في ذلك كلَّه بمعزل أتجرّع غصص الغموم وأتحمّل فادح النّوازل صبرا على ما حمّلت ، وقياما بما قلَّدت ، وحفظا لما استرعيت ، وصيانة لما استودعت من أن تستحثّني فيه أبّهة القدرة أو أن يظهر عليّ منه عزّ المملكة . ولو بقيت على ذلك أيّام حياتي / ما عدوت ما كان منّي ، ولو شئت لبسطت يدي ولساني وأنفذت أمري ، لأنّ اللَّه ( تع ) قد جعل إليّ [1] ذلك ولكنّي لم أزل على ذلك من حال إلى أن كان من أمر اللَّه ( تع ) في القائم ( عم ) ما كان ، وكان من الأمر ما قد انتهى إليك وشاهدت ، وذلك هو الذي علمت . وإنّه - في جانب ما قد مضى عليّ ولقيته من قبله - لأقلّ من أن ألتفت إليه أو أذكره . فاستعبرت لما سمعته من ذلك ، وأكثرت من الصّلاة على المنصور ( عم ) / و / قلت : يا مولاي ، هذا واللَّه الصّبر الذي وعد اللَّه ( تع ) أن يوفّي أهله أجرهم بغير حساب . ولقد روينا عن عليّ ( ص ) ما ذكره ممّا امتحنه اللَّه به في حياة رسول / اللَّه ( صلع ) [2] وبعد وفاته من المحن التي يمتحن بمثلها أولياءه ، فما بلغت كلَّها ما ذكره المنصور ( ص ) في هذه الواحدة وما قد عرفنا من حاله يومئذ وما جرى عليه ممّا أجرى جملة خبره في حديثه هذا . ولقد كنّا نتعجّب من خموله وتواضعه وتوقّيه أيّام القائم ( صلع ) ومحلَّه منه محلَّه ، ونحن لا ندري ما أفضى اللَّه به إليه يومئذ ونستعظم ذلك منه ، فكيف لو علمنا بما أصاره اللَّه ( تع ) إليه ؟ فقال المعزّ لدين اللَّه ( ص ) : إنّ عليّا وإن كان قد امتحن بما امتحن به لم يكن يدع ( صلع ) شيئا في نفسه يحمل [3] ألمه عليه حتّى يضرب به وجوه المخالفين له والمعاندين عليه [4] والمتخلَّفين / عنه ، إمّا / ت / صريحا وإمّا تعريضا ، وفي ذلك
[1] أ : لي . [2] ب : سقط من « ما ذكره - إلى - رسول اللَّه صلع » . [3] أ : يجد ، بعد تشطيب على : يحمل . [4] « عليه » ساقطة من أ .