وطبقة دون الطبقتين كالذي يكون من الحجارة له رونق بلا جوهريّة ، نحو الرّخام / وأشباهه ، تفترش به المجالس وتنحت منه العمد وأشباه ذلك . وفي مثل هذا من الجواهر وطبقات الناس من التفاوت ما لا يحصى . والطبقة السفلى من الناس كالعوامّ والسّفلة ، أشباه الحجرة التي لا رونق ولا جوهر لها ، كمثل ما تبنى [ به ] الجدران ، ويحمل عليه الجذوع ويعمل منه [1] القناطر تمرّ عليها البهائم والكلاب والسّباع ويطؤها الناس ، وبين ذلك تفاوت ، وهم درجات . وما صين من الجوهر ولم يستعمل لفّ في القطن وأودع أسفاط [2] الذّهب والفضّة ورفع في المرافع والصّناديق ، وما لم يستعمل من الحجارة كان منبوذا بالأفنية والطرقات تناله الأوساخ / ويوطأ بالأقدام ، وكذلك قدر ما شاكل النّوعين من الناس في الرفعة والاطَّراح . حديث في مجلس في التثبّت والأناة : 109 - ( قال ) وجلست بين يديه عليه السلام يوما فذكر أهل الأذى والبغي والفساد في الأرض ، فقال : قلت لبعض الناس : ما ينبغي أن يكون العمل في مثل هؤلاء ؟ فقال : ما عمله المنصور عليه السلام - يعني من قتلهم وحرقهم بالنار - . ( قال المعزّ عليه السلام : ) فقلت : إنّ الوقت الذي فعل فيه ذلك المنصور وقت كان يحسن ذلك فيه لما طبّق الأرض من البلاء وعظم على الناس فيه من المحن ، فلم يكن ينبغي أن يدفع / ذلك المكروه إلَّا بمثل ما دفعه عليه السلام / به / . فأمّا إذا أزال اللَّه عزّ وجلّ تلك المحنة وأطفأ نار تلك الفتنة ، فإنّ الذي ينبغي لنا أن نقابل به النّعمة أن نصفح عمّا كان لنا أن نصفح عنه ممّا الجناية فيه علينا دون غيرنا مما لا نخشى له سوء عاقبة من الأمر ، ونكل الإنصاف في ذلك إلى اللَّه عزّ وجلّ الذي أقدرنا وسلَّطنا وملَّكنا الانتصار لو شئنا أن ننتصر لأنفسنا ، فيكون انتصاره عزّ وجلّ لنا أبلغ ، كما وعد بالنّصر من بغي عليه [3] . وما كان من ذلك من
[1] في الأصل : عليها ومنها . [2] السفط بفتحتين : وعاء الطيب وشبهه . [3] تضمين للآية 60 من سورة الحج : ومن « بغي عليه لينصرنه اللَّه » .